2018/11/22

القضاء الاداري يقر حرية إرتداء النقاب في الجامعة الامريكية وجميع الجامعات و الاماكن العامة

مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحيد المبادئ
الطعن رقم : 3219لسنة 48قضائية

مقام من السيد/ رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة ( بصفته)

ضــــــــــــــــــــــــــــــد

أولاً : السيدة/ إيمان طه محمد الزينى                          ثانياً : السيد/ وزير التعليم العالى (بصفته)
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى  بالقاهرة ، الدائرة الثانية، فى الدعوى رقم: 10566لسنة 55قضائية .

الوقـــــــــــــــــــــــــــــائع

تخلص الوقائع فى قيام الطاعن برفع طعنه طالباً الحكم بقبوله شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه  ،ودفع بعدم إختصاص  محكمة القضاء الإدارى ولائياً بالدعوى . وأسس طعنه على عدة أمور:
1-مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون فيما يتعلق بالإختصاص  بالطعون ضد قرارات الجامعة بإعتبارها شخصاً قانونياً خاصاً لايقاس على الجامعات الخاصة المصرية.
2-شاب الحكم فساد فى الإستدلال حيث أن المدعية ليست من طالبات الجامعة الأمريكية.
3-الحكم الطعين خالف قضاء المحكمة الدستورية العليا  ، ومحكمة القضاء الإداري .
4-الحكم الطعين خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه وتأويله فيما قضى به من مساس القرار المطعون فيه بحرية العقيدة وحرية الشخصية.
،، وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى قيام  السيدة/ إيمان طه محمد ، بإقامة الدعوى رقم 10566لسنة55ق طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بمنعها من دخول مكتبة الجامعة الأمريكية مرتدية النقاب ، وذكرت شرحاً لدعواها أنها مشتركة بالمكتبة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً حصلت خلالها على درجة الماجستير والدكتوراه حيث تعمل مدرس مساعد بجامعة الأزهر بكلية اللغات والترجمة، ففوجئت بمنعها من الدخول بحجة صدور قرار بمنع المنتقبات من التواجد داخل أى مكان بالجامعة.
ونعت على القرار مخالفته للقانون والدستور،فصدر  حكم محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضائها على أنه ..بالنسبة للإختصاص فإن الجامعات الخاصة إنما تقوم على مرفق قومى هو مرفق التعليم الذى يتأبى أن تخرج المنازعات التى تثور بشأنه أو بمناسبته عن إختصاص قاضى المشروعية وهو قول واحد (مجلس الدولة) . وبالنسبة لطلب وقف التنفيذ وفى مقام ركن الجدية قام الحكم على أن أسدال المرأة للنقاب وإن كان فى رأى ليس واجب  ، فهو فى رأى أخر ليس بمحظور شرعاً ولا يحذره القانون ، ولا ينكره العرف. وبالتالي لا يجوز المساس به ، فهذا الحق لايثبت إلا للسلطة التشريعية وحدها .

الحُــــكم وحيثياته

أما وإنه قد تبين للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) أنه سبق وأن قضت بعدم جواز حظر ارتداء  النقاب لما يمثله الحظر من مساس بالحرية الشخصية ، وأستمر قضاء هذه المحكمة على تطبيق هذا المبدأ ، ثم عدلت عنه بالسماح لرئيس جامعة المنصورة بحظر ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعى . وإزاء ذلك قررت الدائرة الأولى إحالة الطعن المقام أمامها إلى هذه الهيئة.
،،وفيما يتعلق بالدفع بعدم إختصاص محكمة القضاء الإدارى  ، بالرجوع إلى الإتفاقية المنشأة  للجامعة الموقعة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية وكذلك البروتوكول الخاص بوضع وتنظيم الجامعة بالقاهرة  ،يتضح من نصوصهما أن الجامعة تخضع لإشراف وزارة التعليم العالى  ، وعلى الجامعة إحترام نصوص الدستور المصرى والقوانين المطبقة فى مصر، وتعليمات ومتطلبات السياسة المحلية.
،،ومن حيث الموضوع فينحصر النزاع فى مدى أحقية الجامعة الأمريكية وغيرها من الجهات الموجودة بمصر فى منع دخول المنتقبة إلى هذه الجهات ،وبالتالى مدى مشروعية قرار الجامعة بالحظر المطلق على المطعون ضدها ارتداء النقاب فى أى مكان داخل الجامعة .
المستفاد من الشريعة الغراء أن زى المرأة يجب ألا يكون واصفا لجسدها و لا شفافاً ولا يلفت النظر،وإن كان لم يقم دليل صريح من القرآن أو السنة بوجوب إخفاء الوجه والكفين ومن ثم فإن النقاب ليس محظوراً أو منهياً عنه ، فهو من المباحات  ولا يجوز إخراجه من من الإباحة إلى الحظر .
كما أن نصوص الدستور تنص على أن الإسلام دين الدولة الرسمى والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع . ونص على أن التعليم حق تكفلة الدولة . ونص أيضا على أن المواطنين لدى القانون سواء ولا تمييز بينهم. والحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة . كذلك نص الستور على أن الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية .
وحيث يستبان من وقائع الدعوى وما حوته من مذكرات أن الجامعة تعللت فى الحظر بوجود أسباب أمنية ولم تقدم ثمة دليل على ذلك ،كما أجدبت الأوراق من وجود أى مظهر من مظاهر الإخلال بالأمن داخل الجامعة وهو مايعنى أن منع النقاب داخل الجامعة لم يكن لأسباب أمنية كما زعم مجلس الجامعة وإنما السبب الرئيسى هو منع إرتداء النقاب فى حد ذاته. وهو ماتأكد بما لايدع مجالاً للشك وذلك من خلال المنشورات التى قامت الجامعة بتوزيعها والتى حوت فى طياتها نص سياسة الجامعة على منع إرتداء النقاب.

فلهذه الأسباب : حكمت المحكمة ..

أولاً: رفض الدفع بعدم إختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعة الماثلة ، وبإختصاصه
ثانياً: قبول الطعن شكلاً ،ورفضه موضوعا ، وألزمت الجامعة الطاعنة المصرفات.

التـــــعليـــق


أولاً:   فيما يتعلق بإختصاص مجلس الدولة:

ينص قانون مجلس الدولة فى مادة 10 :

تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية :

خامساً : الطلبات التى يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية .

رابع عشر : سائر المنازعات الإدارية .

ويشترط فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة
ويعتبر فى حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح .

مادة 54 مكرر :

إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض أو رأت العدول عن مبدأ قانونى قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا ، تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة فى كل عام قضائى من أحد عشر مستشارا برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه .
،، من قراءة النصيين السابقين يتضح لنا مدى إختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعة الماثلة وهو إختصاص أصيل تستأثر به.
ولايقدح فى ذلك إدعاء الجامعة الأمريكية بأنها غير خاضعه لقانون الجامعات الخاصة المصرية ، فعلى فرض أنه لايوجد نص خاص ينظم المسألة ، فالأصل أنه يعمل بالقاعدة العامة من أنه أى منشأة تقام على أرض الدولة تخضع بالتالى لدستورها وقوانينها المنظمة للعمل فيها، ولايجوز مخالفتها تحت أى مسمى،وإلا أصبح هذا الكيان كأنه دولة داخل الدولة.
وما يؤكد أيضاً إختصاص محكمة القضاء الإداري هوالإتفاقية الموقعة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية والتى جاءت فى أحد موادها بنص يقرر أن إنشاء الجامعة يكون وفق النظم والقوانين المتبعة فى البلد التى ستقام عليها ،ونص أخر عدم إخلال الإتفاقية بإتتزام الجامعة بدستور الدولة وقوانينها ومتطلبات سياستها المحلية.
ثم جاء البروتوكول الخاص بوضع وتنظيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة مؤكداً فى نصوصه على إشراف مصر بواسطة وزارة التعليم العالى على سائر أنشطة الجامعة .

ثانياً : فيما يتعلق برفض الطعن من حيث الموضوع...

أصابت المحكمة  فيما أنتهت إليه من رفض الطعن ، وجاء منطوق حكمها متفقا مع ما فندته من وقائع وما سطرته من حيثيات.
فقد أعملت صحيح القانون ، وأعلت شأن الدستور، وكييفت نصوص القرآن تكيفاً سليماً.
نؤيدها فيما ساقته من أسباب  سائغة ومنطقية منهيه بها كل جدل حول فرضية الحجاب (النقاب) بحكم بات.

رأينا فى حظر النقاب...

لن أخوض فى تفاسير لآيات قرآنية تؤكد فرضية النقاب من عدمه ، فللأسف أصبح كل منا يحاول أن يقنع من أمامه برأيه دون أمانة علمية فيخفى الرأى الأخرى ويقرع حجته دون حجة الرأى الأخر،، أياً ما كان الأمر..
أعتقد أن لكل إنسان أن يؤمن بما شاء من العقائد التى يطمئن إليه ضميره، فهذا حقه الذى ولد به فليس منحة من أحد. وإن كانت الوثائق الدولية لحقوق الإنسان قد عنيت بالتأكيد على الحريات ومنها حرية العقيدة. فالمجتمع يقوم على أساس من التضامن الإجتماعى فلا يجوز لفريق من المجتمع أن ينال من الحقوق قدراً أكثر من الأخر.
فشتان بين سماح بإنحلال وحظر لإحتشام، إنه وإن كان النقاب ليس بفرض عند الغالبية إلا أنه لا يخفى على عاقل أنه ستر وإستقامة، ومدعاه إلى الأخلاق والسلوك القويم ،مدعاه للترابط المجتمعى الذى عمت فيه البلوى .ولاينال من ذلك الإستخدام الخاطئ له من قبل البعض ، ففى سترها أمن من الفتنة التى أبتلى بها مجتمعنا.
لاأرى المساواه التى ينادى بها كل فرد فى المجتمع تطبق وخاصة ممن يسمون الصفوة أو الحقوقيين ،فترتفع أصواتهم منادين المجتمع بالإحتشاد لنيل الحرية ... حريه العُرى ،يهاجمون ضعاف النفوس حينما بنظرون إلى الحسنوات الفاتنات داخل أسوار الحرم الجامعى أو خارجه وللأسف سبب النظرة هو لبس الفتاه الفتان الشفاف الواصف المنافى لما نص عليه بما لايدع مجالاً للشك فى القرآن الكريم. ألا عجباً على المساواه.
وإذا كنا نتكلم عن الدستور الذى كفل الحريات ونص على المساواه   فنجه ينص على أن المعاملة المختلفة لابد من أن تستند إلى مراكز مختلفة.
،، فى القضية التى نحن بصددها نجد أيضا العجب ، دولة إسلامية ،دستورها ينص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ،فيأتى كيان خارجى على أرضنا ويحاول أن يخالفه،بأن يظر دخول المنتقبات إلى الجامعة الأمريكية ،متناسيا أيضاً سياسته التى جاء بها ويعلنها للعالم ،فقد جاء فى أسس الجامعة وميثاقها ..
1- تطمح الجامعة دائما فى معاملة جميع الأفراد على أسس من الكرامة والعدالة ، وتعزز قيم الأخلاق وتفهم الأخر وإحترام التقاليد.
2- من سياسة الجامعة حرية التعبير والفكر.
3- تلتزم الجامعة ببث روح التفاهم فى جميع أنحاء العالم بين الثقافات والأديان المختلفة.
فهذه سياسة الجامعة ، وبالتالى  فإن محاولة حظرها لدخول المنتقبات هو محض موقف معادى للنقاب وليس لدواعى أمنية كما أدعت فى أمام المحكمة.
وعلى فرض وجود أسباب أمنية نتيجة إستغلال البعض للنقاب فى عمل الجرائم،فهناك من الوسائل الأخرى مايكفل الأمن داخل الحرم الجامعى ،منها تعيين سيدة أمن للكشف عن هوية المنتقبة.
ومن زاوية أخرى .. فإن الدستور كفل حق التعليم وبالتالى فلا يجوز لأى جهه أو سلطة حرمان أى شخص تحت ستار أى سبب من التمتع بالتعليم ومواصلة البحث عن العلم . 


أ. محمد علام
المحام  

ليست هناك تعليقات: